ثورة النّسيان
د.هبة عبد الصَمد
حين يقفُ القلبَ مذهولاً من رماد الأيام..
وتختنقُ الكلمة.. فلا يعود في حروفها صوتٌ أو دويّ أو حتى ظلال..
وحين تتوقّفُ عقاربُ الزمن.. ويخجلُ العمر من أيام مضت، وساعات غربلت أملَ الزمان..
حين تصبحُ الحقيقة سراباً.. والسراب غُرابا..
حين يتجمّدُ الدم في عروق حيّ ينبض فراغاً.. وضياعا…
حين تصيرُ الهوية غربة.. والحياة حفرة.. بها كلٌّ سوى حياة..
حين تنقلبُ خصوصيّة الفجر.. ويأكلُ العشقَ ضوء القمر..
وحين يُسطّرُ الغروب الوداع الأخير..
والرمالُ ترفضُ اللّعبَ بمدّ معشوقها وجزره..
وحين يتحّولُ البحرُ إلى تمساح جائع ينهشُ لحمَ الطيور..
وحين يُغّني النّورسَ ترانيمَ الموت، وتقرعُ الطبولَ لمسات الحداد..
حين تُصبحُ الدنيا لا دنيا..
والحلمَ جحيم..
حين ينسى البشر أنّهم بشر..
والورد يتخلى عن رحيق عطره..
حين تبكي السماءَ لمعة النجوم… ويدمعُ المطر..
حين تمشي الحجارةَ وتتصلّبُ القبور..
حين لا يعود هناك سطور ولا أقلام.. لا حبر ولا أصوات..
وحين يعجزُ الشعورَ عن الشعور..
تأتي الصّدمة.. صدمة الصُّدفة واللّهاث..
حينها فقط، أستوعبُ فكرةَ رحيلك..
وأفهمُ احتوائيَ اللاشيء.. فأقبلُ واقعَ الحال..
وأحزمُ حقائبي .. لأذهبَ في رحلة أبديّة حيث اللاانتظار.. واللاوجود..