حضنتُ وحدتي ومشيت
د. هبة عبد الصمد
ما لي أُحَدِّقُ في المرآةِ أسألها
بأيِّ ثوبٍ من الأثوابِ ألقاهُ
نزار قباني
كالطفلِ يملؤني اللقاء،
وأملأ الساعاتِ بحثاً عن تفاصيلِ
الذي يمشي معي صوبَ اللقاء
كانت فساتيني تناولُني اختياراتٍ
من الألوان ذاتَ مشاعرِ
كانت تزاحمُني على معنى اللقاء.
أللهُ، يا ألوانُ لا تتزاحمي
وتعوَّدي أن تلبسي معنى اللقاء.
ودَعي لباسي، وافهمي
أنّ الحبيبَ هو اللقاء
لي زينةٌ، لكنّها مجلوبةٌ.
قلبي يعاندني، ويمعنُ في الوجيبْ
*****
وغبارُ أيامي رميتُ ورائي
إنّ الذي يأتي سيجعلُني أفتِّشُ عن بقائي
في اللقاء.
العقدُ يرجفُ مثلَ قلبي
آهِ يا صدري الفسيح
هل سوف تبقى أنت ميداناً لخيلٍ
لم تجئْ
خُصلاتُ شعري أي ريحٍ حرّكتْها
للأمامِ وللوراء؟
يا ريحُ كُفّي عن تبعثرِ لهفتي،
وخرائطِ العمرِ المبعثر في الطريق
إلى اللقاء.
والريحُ كانت كالخيولِ تجوسُ صدري
هل أنا في البيتِ أم فوقَ الهضابْ؟
وحقيبتي، ويدي تحَوِّلُها جوازاً للسفرْ
باللهِ يا هذي الحقيبةُ إحذري
عطري، ولا تتضوَّعي.
باللهِ لا تتأخّري
عن موعدي مع ذلك الحلمِ المجسَّدِ بالحبيب.
أنا يا حقيبةُ موعدي عمري،
فلا تتأخري عن خفق قلبي للقاءْ.
وأجوبُ نفسي ثم أسألُها عن الدربِ
المؤدّي للحبيب.
والعطرُ كان يسيرُ قبلي صوب
موعدنا الجميل.
والعطرُ أحياناً له لغةٌ تكونُ حروفُها
أشهى من الكلماتِ في ثغرِ الحبيبْ
يا عطرُ ساعدني، وعجِّلْ بالوصول
وكنْ سفيري أيها العطر الذي
يجتاحني
ويقولُ: قد أزف اللقاء.
ها نحن في تعبِ اللقاء
ما لي أُحِسُّه عابراً، وكأنه ما زال يبحثُ
في اللقاء عن الصدى،
أو عن فتاةٍ لم تكنْ معَنا ونحن
على الطريق
وجهاً لوجهٍ ليس يجمعنا سوى
هذا الذهولِ المستبدِّ بوجهِهِ، وبقلبهِ وبعينِهِ
حتى كأني لم أكن أنا والحقيبةُ والعطورُ
من الحضور.
أنا كنتُ كالبركانِ، وهو كأنه حجرٌ
ولكن لم يعدْ صنماً لأعبدَهُ، ولم
يشبهْهُ في هذا اللقء سوى الحجر
وتركتُه، وتركتُ أشلاء العطور ورائي
ورجعتُ وحدي، واحتضنتُ إبائي.