أنسام
الشاعر حامد خضير الشمري
يزيد ناريَ إيقاداً وزمجرة ً
لمّا يُصَبّ على أشلائيَ الماءُ
عبّ الندامى كؤوسَ الراح ِ مترعة ً
وقد جلستُ وما في الكأس صهباء
يا من أتيتُ لرؤياهم وتفصلني
عنهم من البؤس والحرمان صحراء
كم هرّ خلفي ندّ ما التفت له
وكم صبرتُ فأضنى القلبَ إعياء:
ورحتٌ أسالُ مَنْ قد مرّ في عجَلٍ:
يا سالكَ الدربِ هل عاد الأخلاء ؟
يا غادة ً شيـّعتها عندما هبطتْ
من السماء تراتيلٌ وآلاء
أوحى ليَ الربّ أن الشهْد في فمها
فاسلكْ إليه سبيلا ً يبرأ الداء
لو لامست شفتاها الخمرَ ما نزلتْ
آيٌ بتحريمها يوماً وأنباء
أنى سرَتْ تبزغ الأقمار مبهرة ً
وتوقظ الوردَ في الأكمام أنداء
حلـّت ببغدادَ حتى فاض دجلتها
شهداً وراحا ً وعامت فيه أضواء
تهفو الرصافة إن مرّت لرؤيتها
وإن تهادت أصاب الكرخ إغماء
قد أودع الله فيها سرّ قدرته
لو لم تكن لم يكن في الأرض أحياء
بارزتـُها وبكفـّي كل أسلحتي
فأسقطتني شظايا وهي عزلاء
وإذ أفقتُ هجرتُ الكونَ معتكفا
وحاق في خافقي وهـْنٌ وإعياء
لكنما الصبّ لا يخبو تأجّجُهُ
وليس ينفعه وعـْظ ٌ وإفتاء
فعدت أرنو إلى أطيافها رَهِقاً
فإن بَدَتْ شعّ وسط القلب لألاء
وأشتكي البُرْحَ في صمتٍ فتعرفه
وتشتكي الوجـْد والأقوالُ إيماء
لم تـُخلقي من ترابٍ قط ّ يا امرأة ً
وكلّ ما فيكِ قدسيّ ووضّاء
في معبد الحب قد أصبحتِ مئذنة ً
لصوتِها في عمومِ الأرض أصداء
حشد من الحور في خديك مؤتلق
وومْضُ عينيك معراج ٌ وإسراء
ما عاد بَعدكِ طعم ٌ للهوى أبدا ً
ولم يكن قبل أن ألقاكِ إغراء
لو عامَ شعرُك في الأنسام أسكرها
ونامَ في العسل ِ الأصفى الأحبّاء
طوبى لآدمَ إذ أودى بجنته
لمّا سقته رحيقَ الحب حواء//